وثمود الذين جابوا الصخر بالواد
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
عندما يدرس الدارس الآيات القرآنية المتعلقة بقصص الأمم البائدة ويمعن النظر في الوصف القرآني للأماكن التي سكنها هؤلاء الأقوام يتوصل لحقيقة قطعية أن هذا الوصف لا يمكن أن يصدر عن بشر كسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لما فيه من معلومات دقة بالغة لا يمكن أن يفطن لها البشر خاصة إذا ما مروا بتلك الأماكن مرورا عابرا. ولقد أشار القرآن الكريم إلى أبرز أثر من أثار ثلاث أمم بائدة في سورة الفجر وهي عاد وثمود والفراعنة وذلك في قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (
وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)" الفجر.
فأما أبرز أثار عاد فهي مدينة إرم المجهولة وأما ثمود فقد اشتهروا ببناء بيوتهم في داخل صخور الجبال وأما الفراعنة فآثارهم معروفة في مصر.
وسنشرح في هذه المقالة وصف القرآن الكريم لآثار ثمود وهم قوم سيدنا صالح عليه السلام ونبين مدى دقة هذه الوصف لموقع مدينتهم وآثاراهم وذلك بالاستعانة بصور جوجل إيرث, فلقد بينت صور جوجل إيرث بما لا يدع مجالا للشك وجود مدائن صالح في واد متسع وأن هذا الواد يحتوي على كتل صخرية قام القوم بقطع ونحت هذه القطع الصخرية.
وبينت الصور كذلك مصدر الماء الذي حول هذا الوادي إلى واد خصب ينبت شتى أنواع المزروعات وذلك من خلال أودية عجيبة الأشكال تجلب الماء من الجبال المحيطة وتغذي بها رمال هذا الوادي دون أن تشكل منه سيولا تذهب إلى البحر هدرا بل تظهر كعيون ماء في مختلف أرجاء الواد.
وقد جاء ذكر ثمود في سور كثيرة من القرآن الكريم تبين آياتها جوانب كثيرة من قصة هؤلاء القوم مع الرسول الذي أرسل إليهم وهو سيدنا صالح عليه السلام كالمواعظ التي كان يعظهم بها والمعجزة التي أظهرها لهم ونوع العذاب الذي حل بهم.
وقد ظهرت ثمود بعد عاد وقبل قوم لوط وكذلك قوم شعيب وعلى هذا فإن أقل تقدير لفترة ظهورهم هو ما يزيد عن أربعة آلاف سنة من الآن حيث أن لوط عليه السلام هو إبن أخ إبراهيم عليه السلام وقد عاشا قبل أربعة آلاف سنة وهذا الترتيب لهؤلاء الأقوام قد ورد في قوله تعالى "وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89)".